فصل: شهر ربيع الثاني سنة 1217:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)



.شهر ربيع الثاني سنة 1217:

فيه حضر أحمد آغا شويكار من عند القبالي ومحمد كاشف صحبته من جماعة الألفي ومعهم مكاتبات وأشيع طلبهم الصلح، فأقاموا عدة أيام محجوبين عن الاجتماع بالناس، ثم سافروا في أواسطه ولم يظهر كيفية ما حصل وبطل سفر طاهر باشا الى الجهة القبلية ورجع الى داره بعد أيام من رجوعه.
وفيه عمل مولد المشهد الحسيني ودعا شيخ السادات الباشا في خامسه وتعشى هناك ورجع الى داره.
وفيه تقلد السيد أحمد المحروقي أمين الضربخانة وفرق ذهباً كثيراً في ذلك اليوم ببيت الباشا وعمل له ليلة بالمشهد الحسيني ودعا الباشا والدفتردار وأعيان الدولة والعلماء وأولم لهم وليمة عظيمة وأوقد بالمسجد وقدة كبيرة وقدم للباشا تقدمة وفي صبحها أرسل مع ولده هدية وتعبية أقمشة نفيسة فخلع عليه الباشا فروة سمور.
وفي غرة هذا الشهر، شرع الباشا في هدم الأماكن المجاورة لمنزله التي تهدمت واحترقت في واقعة الفرنسيس ليبنيها مساكن للعساكر المختصة به وتسمى عندهم بالقشلة وذلك قبالة منزله من المكان المعروف بالساكت الى جامع عثمان كتخدا حيث رصيف الخشاب، واهتم لذلك اهتماماً عظيماً، ورسم بعمل فردة على البلاد أعلى وأوسط وأدنى وأرسلوا المعينين لقبض ذلك من البلاد، مع ما الفلاحون فيه من الظلم والجور من العساكر والمباشرين وحق الطرد وفرد الانكليز.
وفي منتصفه كملت عمارة مشهد السيدة زينب بقناطر السباع، وكان من خبره أن هذا المشهد كان أنشأه وعمره عبد الرحمن كتخدا القازدغلي في جملة عمائره، وذلك في سنة 1174 فلم يزل على ذلك الى أن ظهر به خلل ومال شقه، فانتدب لعمارته عثمان بك المعروف بالطنبرجي المرادي في سنة اثنتي عشرة ومائتين وألف فهدمه وكشف أنقاضه وشرع في بنائه وأقام جدرانه ونصبوا أعمدته وأرادوا عقد قناطره فحصلت حادثة الفرنسيس، وجرى ما جرى، فبقي على حالته الى أن خرج الفرنسيس من أرض مصر وحضرت الدولة العثمانية فعرض خدمة الضريح الى الوزير يوسف باشا، فأمر بإتمامه وإماله على طرف الميري، ثم وقع التراخي في ذلك الى أن استقر قدم محمد باشا في ولاية مصر فاهتم لذلك فشرعوا في إكماله وتتميمه وتسقيفه، وتقيد لمباشرة ذلك ذو الفقار كتخدا، فتم على أحسن ما كان، وأحدثوا به حنفية وفسحة وزخرفوه بالنقوشات والأصباغ، ولما كان يوم الجمعة رابع عشره حصلت به الجمعية وحضر الباشا والدفتردار والمشايخ وصلوا به الجمعة وبعد انقضاء الصلاة عقد الشيخ محمد الأمير المالكي درس وظيفته وأملى إنما يعمر مساجد الله الآية والأحاديث المتعلقة بذلك وثم المجلس وخلع عليه الباشا بعد ذلك خلعة وكذا الإمام.
وفيه نصب الباشا خيمة عند بيته بقرب الهدم يجلس بها حصة كل يوم لمباشرة العمل وربما باشر بنفسه ونقل بعض الأنقاض، فلما عاينه الأغوات والجوخدارية بادروا الى الشيل ونقل التراب بالغلقان، فلما أشيع ذلك حضر طاهر باشا وأعيان العساكر فنقلوا أيضاً وطلبوا المساعدة وحضر طائفة من ناحية الرميلة وعرب اليسار ومعهم طبول وزمور فسأل عن ذلك فقال له المحتسب ذو الفقار: هؤلاء طائفة من طوائفي حضروا لأجل المساعدة فشكرهم على ذلك وأمرهم بالذهاب فبقي منهم طائفة وأخذوا في شيل التراب بالأغلاق ساعة والطبول تضرب لهم، فانسر الباشا من ذلك وحسن القرناء للباشا المساعدة وأن الناس تحب ذلك، فرتبوا ذلك وأحضروا قوائم أرباب الحرف التي كتبت أيام فرد الفرنسيس ونبهوا عليهم بالحضور. فأول ما بدأوا بالنصارى الأقباط فحضروا ويقدمهم رؤساؤهم جرجس لجوهري وواصف وفلتيوس ومعهم طبول وزمور، وأحضر لهم أيضاً مهتار باشا النوبة التركية وأنواع الآلات والمغنين حتى البرامكة بالرباب فاشتغلوا نحو ثلاث ساعات، وفي ثاني يوم حضر منهم أيضاً كذلك طائفة.
ولما انقضت طوائف الأقباط حضر النصارى الشوام والأروام، ثم طلبوا أرباب الحرف من المسلمين فكان يجتمع الطائفتان والثلاثة ويحضرون معهم عدة من الفعلة يستأجرونهم ويحضرون الى العمل ويقدمهم الطبول والزمور والمجرية وذلك خلاف ما رتبه مهتار باشا. فيصير بذلك ضجة عظيمة مختلطة من نوبات تركية وطبول شامية ونقاقير كشوفية ودبادب حربية وآلات موسيقية وطبلات بلدية وربابات برامكية، كل ذلك في الشمس والغبار والعفار. وزادوا في الطنبور نغمة، وهي أنهم بعد أن يفرغوا من الشغل ويأذنوا لهم بالذهاب يلزمونهم بدارهم يقبضها مهتار باشا برسم البقشيش على أولئك الطبالين والزمارين فيعطيهم النزر اليسير ويأخذ لنفسه الباقي، وذلك بحسب رسمه واختياره، فيأتي على الطائفة المائة قرش والخمسون قرشاً ونحو ذلك، فيركب في ثاني يوم وبذهب الى خطتهم ويلزمهم بإحضار الذي قرره عليهم فيجمعونه من بعضهم ويدفعونه، وإذا حضرت طائفة ولم تقدم بين يديها هدية أو جعالة طولوا عليهم المدة وأتعبوهم ونهروهم واستحثوهم في الشغل، ولو كانوا من ذوي الحرف المعتبرة كما وقع لتجار الغورية والحريرة، وإذا قدموا بين أيديهم شيئاً خففوا عليهم وأكرموهم ومنعوا أعيانهم وشيوخهم من الشغل وأجلسوهم بخيمة مهتار باشا وأحضر لهم الآلات والمغاني، فضربت بين أيديهم كما وقع ذلك لليهود واستمر هذا العمل بقية الشهر الماضي الى وقتنا هذا، فاجتمع على الناس عشرة أشياء من الرذالة وهي السخرة والمعونة وأجرة الفعلة والذل ومهنة العمل وتقطيع الثياب ودفع الدراهم وشماتة الأعداء من النصارى وتعطيل معاشهم وعاشرها أجرة الحمام.
وفي يوم الأربعاء ثاني عشره الموافق لسادس مسرى القبطي، كان وفاء النيل المبارك وكسر السد في صبحها يوم الخميس بحضرة الباشا والقاضي والشنك المعتاد وجرى الماء في الخليج ولم يطف مثل العادة ومنعوا دخول السفن والمراكب المعدة للنزهة وذلك بسبب أذية العساكر العثمانية.
وفي منتصفه حضر قصاد من الططر وعلى يدهم مكاتبات من الدولة بوقوع الصلح العام من الدولة والقرانات وعثمان باشا ومن معه من المخالفين على الدولة من جهة الروملي فعملوا شنكاً ومدافع ثلاثة أيام تضرب في كل وقت من الأوقات الخمسة وكتبوا أوراقاً وألصقوها في مفارق الطرق بالأسواق وقد تقدم مثل ذلك وأظنه من المختلقات.
وفي أواخره، حضر حريم الباشا من الجهة الرومية وهما اثنتان إحداهما معتوقة أم السلطان والأخرى معتوقة أخته زوجة قبطان باشا، وصحبتهما عدة سراري، فأسكنهن ببيت الشيخ خليل البكري، وقد كان عمره قبل حضورهن وزخرفه ودهنوه بأنواع الصباغات والنقوش وفرشوه بالفرش الفاخرة، وفرش المحروقي مكاناً وكذلك جرجس الجوهري فرش مكاناً وأحمد بن محمد واعتنوا بذلك اعتناءً زائداً، حتى أن جرجس فرش بساطاً من الكشمير وغير ذلك وعمل وليمة العقد وعقد على الثنتين في آن واحد بحضرة القاضي والمشايخ وأهدوا لكل من الحاضرين بقجة من ظرائف الأقشمة الهندية والرومية وعملوا شنكاً وحراقة بالأزبكية عدة ليال.

.شهر جمادى الأولى سنة 1217:

في يوم الاثنين ثامنه شنقوا ثلاثة من عساكر الأروام أحدهم بباب زويلة والثاني بباب الخرق والثالث بالأزبكية بالقرب من جامع عثمان كتخدا وقتلوا أيضاً شخصاً بالنحاسين.
وفي يوم الثلاثاء تاسعه، عمل الباشا ديواناً وفرق الجامكية على الوجاقلية.
وفيه وردت الأخبار بوقوع حادثة بين الأمراء القبالي والعثمانية، وذلك أن شخصاً من العثمانية يقال له أجدر موصوفاً بالشجاعة والإقدام أراد أن يكبس عليهم على حين غفلة ليكون له ذكر ومنقبة في أقرانه، فركب في نحو الألف من العسكر المعدودين وكانوا في طرف الجبل بالقرب من الهو، فسبق العين الى الى الأمراء وأخبرهم بذلك، فلما توسطوا سطح الجبل وإذا بالمصرلية أقبلت عليهم في ثلاثة طوابير فأحاطوا بهم فضرب العثمانية بنادقهم طلقاً واحداً لا غير ونظروا وإذا بهم في وسطهم وتحت سيوفهم، ففتكوا فيهم وحصدوهم ولم ينج منهم إلا القليل وأخذ كبيرهم أجدر المذكور أسيراً وانجلت الحرب بينهم وأحضروا أجدر بين يدي الألفي فقال له لأي شيء سموك أجدر، فقال الأجدر معناه الأفعى العظيم وقد صرت من أتباعك، فقال لكن يحتاج الى تطريمك وإخراج سمك أولاً وأمر به، فأخذوه وقلعوا أسنانه، ثم قتلوه وأخذوا جميع ما كان معهم ومن جملة ذلك أربعة مدافع كبار.
وفيه قلدوا أحمد كاشف سليم إمارة أسيوط وعزل أميرها مقدار بك العثماني بسبب شكوى أهل النواحي من ظلمه.
وفي منتصفه، تواترت الأخبار برجوع الأمراء القبالي الى بحري وأنهم وصلوا الى بني عدي فنهبوا غلالها ومواشيها وقبضوا أموالها وأعطوهم وصولات بختمهم وكذلك الحواوشة وما جاور ذلك من البلاد فشرع العثمانية بمصر في تشهيل جريدة وعساكر.
وفيه حضرت أيضاً عساكر كثيرة من هبود الأتراك والأرنؤد فأحضروا مشايخ الحارات وأمروهم بإخلاء البيوت لسكناهم، فأزعجوا الكثير من الناس وأخرجوهم من دورهم بالقهر. فحصل للناس غاية الضرر وضاق الحال بالناس، وكلما سكنت منهم طائفة بدار أخربوها وأحرقوا أخشابها وطيقانها وأبوابها وانتقلوا الى غيرها فيفعلون بها كذلك، ومن تكلم أو دافع عن دار وبخ بالكلام، وقيل له عجب كنتم تسكنون الفرنسيس وتخلون لهم الدور وأمثال ذلك من الكلام القبيح الذي لا أصل له، ولما شرعوا في تشهيل التجريدة حصلت منهم أمور وأذية في الناس كثيرة، فمنها أنهم طلبوا الحمّارة المكارية وأمروهم بإحضار ستمائة حمار وشددوا عليهم في ذلك، فقيل إنهم لما جمعوها أعطوهم أثمانها في كل حمار خمسة ريالات بعدته ولجامه، مع أن فيها ما قيمته خمسون ريالاً خلاف عدته، ثم ما كفاهم ذلك بل صاروا يخطفون حمير الناس من أولاد البلد بالقهر وكذلك حمير السقائين التي تنقل الماء من الخليج حتى امتنعت السقاؤون بالكلية، وبلغ ثمن القربة الكتافي من الخليج عشرة أنصاف فضة، وتعدى بالخطف أيضاً من ليس بمسافر فكانوا ينزلون الناس من على حميرهم ويذهبون بها الى الساحة ويبيعونها، والبعض تبعهم واشترى حماره بالثمن فخبى جميع الناس حميرهم في داخل الدور، فكان يأتي الجماعة من العسكر وينصتون بآذانهم على باب الدار ويتبعون نهيق الحمير وبعض شياطينهم يقف على الدور ويقول رز ويكررها فينهق الحمار فيعلمون به ويطلبونه من البيت، فإما أخذوه أو افتداه صاحبه بما أرادوه وغير ذلك.
وفيه حضر قاضي سكندرية الى مصر وذلك أنه لما حضر من اسلامبول طلع الى داره وحضرت إليه الدعاوى فأخذ منهم المحصول على الرسم المعتاد فأرسل إليه الانجليز ولاموه على عدم حضوره إليهم وقت قدومه وقالوا له إن أقمت هنا بتقليدنا إياك فلا نأخذ من أحد شيئاً ونرتب لك ثلاثة قروش في كل يوم وإلا فاذهب حيث شئت فحضر الى مصر بذلك السبب.

.شهر جمادى الثانية سنة 1217:

في خامسه سافرت العساكر الى الأمراء القبالي وسافر أيضاً عثمان بك الحسني وباقي العساكر المعزولين وأمير العساكر العثمانية محمد علي سرششمه، وكان الباشا أرسل ابراهيم كاشف الشرقية بجواب إليهم، فرجع في ثامنه بجواب الرسالة، وأعطاه الألفي ألفي ريال، وقدم له حصانين وحاصل تلك الرسالة كما تقدم الأمان لجميع الأمراء المصرلية، وأنهم يحضرون الى مصر ويقيمون بها ولهم ما يرضيهم من الفائظ وغيره، ما عدا الأربعة الأمراء وهم ابراهيم بك والألفي والبرديسي وأبا دياب، فإنهم مطلوبون الى حضرة السلطان يتوجهون إليه مع الأمن عليهم ويعطيهم مناصب وولايات كما يحبون، فإن لم يرضوا بذلك فيأخذوا إقطاع أسنا ويقيمون بها، فلما وصل ابراهيم آغا المذكور الى أسيوط وأرسل إليهم أرسلوا إليه أحمد آغا شويكار ومحمد كاشف الألفي فانتظروه خارج الجبانة فخرج إليهم ولاقوه وأخذوه وصحبتهم الى عرضيهم وأنزلوه بوطاق بات به، فلما أصبح الصباح طلبوه الى ديوانهم فحضر ووقف عساكرهم صفوفاً ببنادقهم وفيهم كثير على هيئة اصطفاف الفرنسيس وعملوا له شنكاً ومدافع. ثم أعطاهم المكاتبة بحضرة الجميع فقرؤوها ثم تكلم الألفي وقال: أما قولكم نذهب الى اسلامبول ونقابل السلطان ينعم علينا، فهذا مما لا يمكن وإن كان مراده أن ينعم علينا فإننا في بلاده وأنعامه لا يتقيد بحضورنا بين يديه، وأما بقية إخواننا فهم بالخيار إن شاؤوا أقاموا معنا وإلا ذهبوا وكل إنسان أمير نفسه وأما كون حضرة الباشا يعطينا إقطاع أسنا فلا يكفينا هذا وإنما يكفينا من أسيوط الى آخر الصعيد ونقوم بدفع خراجه فإن لم يرضوا بذلك فإن الأرض لله ونحن خلق الله نذهب حيث شئنا ونأكل من رزق الله ما يكفينا ومن أتى إلينا حاربناه حتى يكون من أمرنا ما يكون ثم استقروا بنقطرة اللاهون وكسروا القنطرة وشرعوا في قبض الأموال من بلاد الفيوم فلما رجع ابراهيم كاشف بذلك الجواب ركب الباشا في صبحها الى الآثار واستعجل العسكر بالذهاب فعدوا الى البر الغربي وتأخر عنهم عثمان بك الحسني والغز المصرلية وباتوا بطرا.
وفيه شنق الباشا رجلا طبجياً في المشنقة التي عند قنطرة الغربي، ثم أن عثمان بك أرسل الى الباشا يطلب حسين آغا شنن ومصطفى آغا الوكيل ليتفاوض معهما في كلام فأرسل له ابراهيم آغا كاشف الشرقية فأعطاه الخلعة التي خلعها الفرنسيس وبلوت معهم، ثم أني حضرت بأمان طائعاً فلم أجاز ولم يحصل ما كنت أؤمله ولم يوفوا معي وعداً وأنا لا أقاتل إخواني المسلمين وأختم عملي بذلك ولا أقيم بمصر آكل الصدقة وإنما أذهب سانحاً في بلاد الله وكان في ظن عثمان بك أنه إذا أتى الى مصر على هذه الصورة يجعله الباشا أمير البلد أو أمير الحاج.
وفيه أمر الباشا محمد كتخدا المعروف بالزربة بالسفر الى جهة قبلي فاستعفى من ذلك، فأمر بقتله فشفع فيه يوسف كتخدا الباشا وقال إن له حرمة، وقد كان في السابق كتخدا لأفندينا ولا يناسب قتله على هذه الصورة فأمر بسفره الى جهة البحيرة محافظاً فسافر من يومه وأما عثمان بك فإنه ركب وذهب الى جهة قبلي مشرقاً على غير الرسم، وأشيع ذلك في الناس ولغطوا به، فلما تحقق العثمانية ذلك رسموا الطوائف العسكر أن يقيموا منهم طوائف بالقلاع التي على التلول ونصبوا عليها بيارق وأوقفوا حرساً على أبواب المدينة يمنعون من يخرج من المدينة من الغز الخيالة المصرلية، فمن خرج الى بولاق أو غيرها فلا يخرج إلا بورقة من كتخدا الباشا.
وفي ليلة الجمعة عاشره، أمر الباشا بكبس بيوت الأمراء الحسنية ونهب ما بها من الخيول والجمال والسلاح.
وفيه حضر أغات التبديل الى بيت الخربطلي بعطفة خشقدم وبه جماعة من عسكر المغاربة فكبس عليهم وقبض على جماعة منهم وكتفهم وكشف رؤوسهم وأحاطت بهم عساكره وسحبوهم وأخذوا ما وجدوه في جيوبهم على هيئة شنيعة ومروا بهم على الغورية ثم على النحاسين وباب الشعرية حتى انتهوا بهم الى الأزبكية على حارة النصارى ودخلوا بهم بيت الباشا وهم لا يعملون لهم ذنباً فلما مثلوا بين يدي كتخدا الباشا ذكر لهم أن بجوارهم دير للنصارى وأنهم فتحوا طاقاً صغيراً يطل على الدير فقالوا لا علم لنا بذلك وأخبروا أن جماعة من الأرنؤد ساكنون معهم بأعلى الدار فيحتمل أن ذلك من فعلهم فأرسلوا من كشف على ذلك فوجدوه، كما قال المغاربة فأطلقوهم بعد هذه الجرسة الشنيعة ومرورهم بهم الى حارة النصارى وأخذ دراهمهم ومتاعهم والأمر لله وحده.
وفيه، أشيع مرور جماعة من الغز القبالى على جهة الجيزة الى جهة سكندرية وكذلك جماعة من الانجليز من سكندرية الى قبلي.
وفيه، تداعى مصطفى خادم مقام سيدي أحمد البدوي مع نسيبه سعد بسبب ميراث أخته فقال مصطفى أنا أحاسبه على خمسين ألف ريال فقال سعد أنا أستخرج منه مائتي ألف ريال بشرط أن تعوقوه هنا وتعطوني خادمه وجماعة من العسكر ففعلوا ذلك وعوقوه ببيت السيد عمر النقيب وتسلم سعد خادمه والعسكر ذهب بهم الى طندتا فعاقبوا الخادم فأقر على مكان أخرجوا منه ستة وثلاثين ألف ريال فرانسه، ثم فتحوا بئراً مردومة بالأتربة وأخرجوا منها ريالات فرانسه وأنصافاً وأرباعاً وفضة عددية كلها مخلوطة بالأتربة وقد ركبها الصدأ والسواد فأحضروها وجلوها في قاعة اليهود ولم يزالوا يستخرجون حتى غلقوا مائة وسبعة وثمانين ألف وسبعمائة وكسوراً وآخر الأمر أخرجوا خبيئة لا يعلم قدرها ثم حصل العفو ورجع العسكر وأخذوا كراء طريقهم وأخذوا من أولاد عمه عشرة أكياس.
وفي يوم السبت حادي عشره، كان آخر التسخير في نقل التراب من العمارة وكان آخر ذلك طائفة الخردة من الغياش والقرادتية وأرباب الملاعيب وبطل الزمر والطبل واستمر الفعلة في حفر الأساس ورشح عليهم الماء بأدنى حفر لكون أن ذلك في وقت النيل والبركة ملآنة بالماء حول ذلك.
وفي خامس عشره، خرجت عساكر ودلاة أيضاً وسافروا الى قبلي.
وفي ثالث عشرينه، سافر عساكر في نحو الأربعين مركباً الى جهة البحيرة بسبب عرب بني علي فإنهم عانوا بالبحيرة ودمنهور.